تلوث المياه
تلوث المياه
تمثل البحار أهم مكونات الكرة الأرضية. إن للمسطحات البحرية الهائلة التي يقدر حجمها بـ(3 و1 مليار كلم3) تأثيراً كبيراً في الكرة الأرضية ومكوناتها، إذ تتفاعل المسطحات البحرية مع الجو فتتنوع تبعاً لعدد من متغيرات مناخات العالم.
ان أهم الأخطار التي تتعرض لها البحار وتهددها بالتلوث هي رمي الفضلات فيها من قبل الإنسان، هذا التوجه الذي تنامى مع التطور الصناعي الذي تلا الثورة الصناعية، حيث تحولت البحار بصيغة أو أخرى إلى مكامن كبيرة لاستقبال كل ما تلفظه المصانع. وهي في حالة تزايد، سواء مباشرة، كون المصانع مقامة على سواحل البحار، أو غير مباشرة، حيث تنتقل الفضلات عبر الأنهار. ونتيجة للحالتين فقد اختلت الموازنة الطبيعية للمنظومة البحرية ومنظومة الجو مما له انعكاساته الخطيرة على الحياة.
وتتصف البيئة البحرية بأنها بيئة غنية بالكائنات النباتية والحيوانية المجهرية التي تفرز العديد من المواد الكيمياوية المضادة للبكتريا الملوثة الناتجة عن إلقاء الفضلات، وإلى درجة تمتلك القدرة على إماتتها. مما يجعل البيئة البحرية ذات قدرة على التنقية الذاتية. غير أن التطور التقني بما فيه التصنيع وما رافقه من رمي للسموم والنفط قد أثر في هذه الكائنات المجهرية سلباً، حيث أضعف قدرته على إفراز المضادات، وفي حالات كثيرة تعرضت هذه الكائنات المجهرية إلى الموت، ولا سيما في المناطق الصناعية أو الخلجان التي تصب فيها مياه الأنهار.
وقد أدى ذلك في الدول الصناعية إلى فقدان البيئة البحرية لقدرتها على التغذية الذاتية، مما حول البحار إلى بيئة مليئة بالبكتريا. وقد أوضحت بعض الدراسات العلمية أن الكائنات المجهرية قد انخفضت إلى ما يزيد على 40 بالمئة، مما يسوغ القلق لدى الإنسان. ومن أبرز الأمثلة على البحار الملوثة التي تحولت إلى بحار غير منتجة (بحر البلطيق)، الذي إن وجدت فيه بعض الأسماك القليلة فإنه لا ينصح باستهلاكها كما أشارت ذلك منظمة الغذاء والتجارة الدولية.
أنواع التلوث المائي
يعتبر التلوث العضوي أحد أنواع التلوث المائي، وهو أخف الأنواع، ومصدره عادة يكون عن طريق المجاري التي تنقل الفضلات البشرية في المياه. التلوث الآخر هو التلوث الكيميائي، حيث تنتقل الملوثات الكيميائية إلى المياه عن طريق شبكة المجاري،إضافة إلى ما تلفظه المصانع ومياه الري الزائدة.
ومن أبرز هذه الملوثات (المنظفات) التي يتزايد استعمالها في المرحلة المعاصرة. وهي على النقيض من مادة الصابون القابلة للتفكك بفعل الكائنات الحية، إذ أنها ثابتة وغير قابلة للتفكك حيوياً. وقد ثبت أن من جملة آثار المنظفات (تسرطن الفئران) بفعل الفحوم الهايدروجينية التي تمثل أساس المنظفات، والعلاج هو في إيجاد البديل من المنظفات القابلة للتفكك الحيوي. يضاف إلى ذلك التلوث الحاصل عن النفط والذي يعرف بالفحم الهايدروجيني والصادر عن ناقلات النفط وتصادمها أو غرقها، وعن مياه تبريد
المصافي. لقد قدرت الكميات التي تلقى سنوياً في البحر المتوسط 2 و1 مليون طن من النفط، مما يزيد من تراكم الفحم الهايدروجيني باستمرار، وبذلك تحول هذا البحر وغيره إلى بحار ملوثة، مما عرض وسيعرض الموازنة البيئية للاختلال. كما يؤدي الزئبق والرصاص والكادميوم والمبيدات دوراً يفوق في تأثيره السمي الفحم الهايدروجيني، هذا بالرغم من قلة تركيز هذه المواد في المياه البحرية.
إن خطرها نابع من تركزها في البلاتكتون النباتي وكذلك في البلاتكتون الحيواني الذي يتغذى على النبات، ومن ثم في أجسام الأسماك. ويتجاوز تأثير سمية هذه المواد تأثيراتها في السلسلة الغذائية إلى أخطارها على الحياة البشرية حيث أن لها دورها المسرطن، إضافة إلى أنواع التسمم.