الحدود السياسية و أنواعها
الحدود السياسية و أنواعها
تستأثر دراسة الحدود السياسية بقدر كبير من الاهتمام، في مختلف المجالات المعرفية، وذلك لفهم ظروف نشأتها وتطورها والبحث فى كيفية حمايتها وطرق الدفاع عنها، ويرجع ذلك للعديد من الاعتبارات، من بينها: الأهمية الخاصة للحدود في تعيين المجال الإقليمى الذى تباشر الدولة عليه كافة أعمال السيادة، كما أن الإقليم أحد الأركان الثلاثة التى تقوم عليها الدولة كنظام قانونى وسياسى، مما جعل القانون الدولى يركز على الحدود بمفهومها الشامل (البرية والبحرية والجوية) لبيان طريقة تحديدها وتعيينها وكيفية تسوية منازعاتها، هذا من ناحية.
ومن ناحية ثانية، الدور الرئيس والهام الذى تؤديه الحدود فى تدعيم قوة الدول استناداً على ثروات وموارد الإقليم وخاصة القوة الاقتصادية، كما أن اتساع مساحة الإقليم تدعم كثيراً القوة الإستراتيجية السياسية للدولة على الصعيد الدولى، ومن ناحية ثالثة، أن أكثر النزاعات حدة، دولياً، وإقليمياً، نشأت عن منازعات على الحدود بين الدول، وخاصة بعد ظهور الثروات الطبيعية.
كما تتسم هذه النزاعات، بسمات معينة تميزها عن غيرها من النزاعات، وذلك لسببين، الأول: الحساسية الشديدة لهذه النزاعات، لتعلقها بسيادة الدولة مما جعل أسباب هذه النزاعات وطرق تسويتها معقدة لدرجة كبيرة، والثاني لأن الفصل في هذه النزاعات يحتاج إلى البحث فى مسائل متعددة ومعقدة، سياسية واقتصادية وقانونية وأمنية.
الحدود السياسية: جدل المفاهيم
تعددت الاتجاهات بشأن تعريف الحدود، مع تعدد الاتجاهات والمدارس الفكرية التي تناولتها، ومع تعدد المفاهيم التي تتداخل معها، وهو ما يمكن تناوله وفق المحاور التالية:
أولاً: التعريفات اللغوية:
قال ابن منظور في “لسان العرب”: “حدد: الحَدُّ: الفصل بين الشيئين لئلا يختلط أَحدهما بالآخر أَو لئلا يتعدى أَحدهما على الآخر، وجمعه حُدود. وفصل ما بين كل شيئين: حَدٌّ بينهما. ومنتهى كل شيء: حَدُّه؛ ومنه: أَحد حُدود الأَرضين وحُدود الحرم” . وقال الرازي في “مختار الصحاح”: “الحد هو الحاجز بين الشيئين وحد الشيء منهاه والحد المنع” . وفي اللغة الإنجليزية (Boundary): “خط يعلم حدود منطقة معينة” . وفي اللغة الفرنسية (frontière): “فواصل تفصل بين أراضي الدول يجعلها تمارس سيادتها الوطنية”.
ثانياً: التعريفات الاصطلاحية:
في الإطار السياسي والقانوني، عرفَّها “الفاروقي” بأنها: “فاصل طبيعي أو اعتباري يفصل ملكاً عن آخر” . وعرّفتها الموسوعة العربية بأنها: “الخط الفاصل الذي تبدأ أو تنتهي عنده أقاليم دول متجاورة” . وعرَّفها “بدوي” بأنها: “فواصل تفصل إقليم كل دولة عن أقاليم الدول الأخرى المحيطة به، وعندها تبدأ سيادة الدولة صاحبة الإقليم ، وتنتهي سيادة غيرها، ووراءها تنتهي سيادتها، وتبدأ سيادة غيرها، وهذه الحدود قد تكون طبيعية، قد تكون صناعية” . وعرَّفها عبد السلام بأنها:” الخط الذى يفصل إقليم الدولة عن أقاليم الدول الأخرى، والذى تمارس الدولة سيادتها ضمن نطاقه، بما يتضمنه من أرض وسكان وموارد، ويمثل تأمينه حماية لتلك المقدرات” . وعرَّفها أوبنهايم بأنها: “الخطوط الوهمية علي سطح الأرض التي تفصل إقليم الدولة من إقليم دولة أخري” .
ويعرّف قاموس مصطلحات القانون الدولي الحدود على أنها: “الخط الفاصل الذي تبدأ أو تنتهي عنده أقاليم دول متجاورة”. ويرى عدد من الفقهاء أن مصطلح الخط (limit) ومصطلح الحد أو التخم (frontier)، يشكلان مفهوم الحدود. والحدود فواصل طبيعية أو صناعية بين أقاليم مختلفة هي دول في غالبيتها، وتأتي أهميتها من
حيث أنها تشكل الحد الذي تبدأ فيه سيادة دولة على إقليمها، وتستطيع من خلاله ممارسة سلطاتها عليه، ومن ورائه تنتهي هذه السيادة أو هذه السلطات (حسبما إذا كان الحد برياً أو بحرياً). وأي تعدٍ أو اختلاف على واقع هذه الحدود يسبب مشكلة قانونية في ممارسة الدولة لسيادتها أو لسلطاتها على إقليمها.
وقد تعرض شراح القانون الدولى لفكرة الحدود الدولية، فعرفها بعضهم بأنها “خط تلامس فيه حدود الدولة حدود دولة أخرى مجاورة لها”، وعرفها البعض الآخر بأنها “تعيين حد الإقليم الذى تشغله الدولة وتبسط عليه سلطتها بصفة قانونية”. ويرى فريق ثالث أن “حد الدولة هو الخط الذى يعين حدود المنطقة التى تستطيع الدولة أن تمارس حق سيادتها عليها”.
ويولد قيام الحدود نظاماً قانونياً يرافقه هو “نظام الجوار” الذي يطرح عدة مسائل: موضوع سكان طرفي الحدود، من حيث مالهم من حقوق (كحق المرور والعمل) وما عليهم من واجبات (كتأدية الخدمة العسكرية)، حيث تعد هذه المناطق مكان التقاء للمرافق العامة (مراكز أمن ودوائر للجمارك)، ويقع على عاتق الدول المتجاورة التزامات وحقوق يجب مراعاتها، كحق الملاحقة القضائية.
الهوامش :
المصدر : كتاب : الأمن القومي من امن الحدود٫عصام عبد الشافي٫مؤسسة الوراق للنشر و التوزيع٫ 2016 ٫ ص:8-9-10-11.