أنواع البحوث العلمية

أولا تعريف البحث

البحث هو طلب المعرفة وتقصي الحقائق، في جميع أنواع العلوم والمعارف، باتباع الأساليب العلمية، وعلى وفق مناهج، ومن هنا يلتقي الباحثون والدارسون من كل صنف من أصناف العلوم. ومنهم العلماء والمتخصصون بالعلوم الصرفة والتطبيقية، والنقاد ودارسو الأدب ومؤرخوه.

وإذا كان للعلماء، مناهجهم وأساليبهم المعروفة، فإن الباحث في الأدب والناقد ودارس التاريخ، مضطرون إلى إتباع مناهج تضمن لهم سلامة الوصول إلى النتائج التي يتوخونها في بحوثهم، وتؤمن لهم طريق بلوغ الحقائق في الموضوع الذي يبحثون فيه.

ويستفيد البحث الأدبي من المناهج الملائمة في أسسها العامة، مثل المنهج التاريخي والوصفي والاستدلالي وغيرها، متخذاً العون للتفسير والتأويل والاستنتاج من المناهج الملائمة للبحث الأدبي.

طالع ايضا : خطوات تصميم خطة البحث من البداية الى النهاية

ولاشك في أن البحوث على أنواع كثيرة، وفي مستويات مختلفة، وفي ما يأتي ذكر للبحوث التي تختلف في أنواعها ومستوياتها:

1- النوع الأول- البحث الصفي:

ويكون في أثناء الدراسة في المرحلة الأولية من الدراسة الجامعية، سواء كان في الكليات العلمية أو الأدبية، وهو بحث تدريبي يهدف إلى تعويد الطالب الجامعي على أساليب البحث، لتنمية مهاراته الكتابية والبحثية، بطريقة علمية، تمكيناً له من إعداد بحوثه في هذه المرحلة، وتمهيداً لمراحل دراسته العليا، لذا تنص معظم خطط الجامعات على تدريس مادة مناهج البحث العلمي لطلبة كل كلية فيها.

أهداف البحث الصفي:

ومن الأهداف المتوخاة من كتابة البحث في المرحلة الأولية من الدراسة والإلمام بمناهج البحث وأساليبه فيها، العمل على:

1- تنمية مواهب الطالب البحثية.

2- توسيع مداركه، وتدريبه على البحث عن الحقيقة العلمية بتجرد ونزاهة.

3- تنظيم أفكاره، وجدولتها بحسب طرائق التفكير العلمي المنهجي.

4- تمكينه من التعبير عما يجول في ذهنه من أفكار وخواطر علمية.

5- تنمية شخصيته العلمية البحثية.

6- تنمية روح الاستقلالية لدى الطالب وتجنيبه التقليد العلمي.

7- تنمية التواصل العلمي بين الطالب وأستاذه.

8- تعويده على تقبل احترام الرأي، والرأي الآخر، والنقد البناء في المناقشات العلمية.

9- البحث عن الحقيقة، بتجرد، ودقة، وتحمل مسؤولية الأمانة.

10- تعوده على ارتياد المكتبات، وإشاعة أجواء الألفة العلمية بين الطالب والكتاب.

11- المساهمة في الكشف بفاعلية عن المعارف الإنسانية، فالطالب الباحث الحريص على العلم، تتجلى مساهمته البحثية عموماً في أحد المظاهر الآتية كما تراها (ثريا ملحس) (1):

أولاً: في فهم جديد للماضي، وبعث جديد للحاضر، عبر استقراء نصوص الماضي، وبعثها مجددا، والتجديد في استقرائها وتحليلها.

ثانياً: اكتشاف حقائق لم يتوصل إليها غيره من الباحثين.

ثالثاً: إحياء العلوم القديمة، وتحقيقها تحقيقاً علمياً.

رابعاً: استنباط طريقة جديدة في معالجة بحث ما.

ومن الشروط المهمة في البحوث الصفية، أن يكون الطالب جاداً في إعدادها، مخلصاً في بذل الجهد فيها، وعلى المشرف ألا يمتهن أي جهد للطالب، مهما كان ضئيلاً، فالطالب في طور التجربة، وطاقته محدودة.

وقد يعد الطالب بحثاً صفياً، في آخر سنة من سنوات الدراسة الجامعية، يطلق عليه بحث التخرج. وقد يستطيع كاتب البحث، أن يفتح أفقاً جديداً في مقالته أو يصل إلى اكتشاف جديد، وإنما يكون قد تفوق وأخلص للعمل.

2- النوع الثاني- بحث الماجستير (الرسالة):

وهو بحث تخصص أعلى مستوى من البحث الصفي، وله شروطه، وأغراضه المتمثلة في إضافة الجديد من العلوم والمعارف والثقافات، وتكون طاقات الطالب الباحث فيه أوسع وأشمل من مثيلاتها في المرحلة الجامعية الأولية، فبحث الماجستير اختبار لاستعداد الطالب واستثمار ذكائه وقدراته على التواصل البحثي، والتأليف، وإضافة الجديد لعلمه وللمعرفة.

وينحو البحث في الماجستير منحى عرضياً أفقياً استطلاعياً، في محاولة الإلمام بجوانب البحث أي أن يكون ذا نظرة تستشرف آفاق الموضوع المدروس.

3- النوع الثالث  بحث الدكتوراه:

وهو أعلى بحث تخصصي، وقمة البحوث العلمية، غرضه إضافة الجديد والعميق علمياً، وأصالة، في ميدان العلم، ومن شأن هذا البحث أن يثري المكتبة بأفكار جديدة، ونظريات مبتكرة، وتفاصيل علمية كثيرة ودقيقة، ويكمن هدفه الأسمى في تكوين الشخصية البحثية العلمية الجادة والمميزة للباحث في مستوى الدكتوراه.

وينحو البحث في الدكتوراه منحى التعمق والغور في الموضوع لاستكشاف أعماقه والتنقيب عن الغائر والمخفي، ويسمى هذا البحث عادة (أطروحة) Thesis.

وهناك أنواع أخرى التي يكتبها الباحث، بغرض إذاعتها وتبليغها للناس، وينبغي أن يتوافر فيها الجهد العلمي المنظم المستمد من معطيات البحث العلمي ومناهجه. ومن هذه الأنواع:

طالع اىضا : ماهية المنهج الوصفي وأنواعه PDF

4- المقالـــة:

وهي تحتاج، لكي تؤهل لأن تدرج ضمن البحوث العلمية، وتكون مؤثرة وذات مستوى مؤثر ونافع إلى أن تقتبس من أساليب البحث العلمي ما يثريها ويرفع مكانتها، والمقالة لا تعدو في حقيقتها أن تكون تعبيراً عن رأي الكاتب في قضية ما تثير رغبة القارئ وتشوقه إلى معرفة رأي الكاتب، والمقالة تتسم بالسمة الشخصية في تعبير الكاتب، دون اشتراط أن تأتي بالجديد.

لكن هناك مقالات مؤثرة ومفيدة، بسبب ما فيها من بعض السمات العلمية كالتزام منطق البحث والتحري عن الحقائق بدقة.

5-  الكتـــاب 

وهو جهد علمي يؤلفه كاتبه في موضوع من مواضيع العلوم والمعارف، ويطرحه بين الناس، وله أسسه في المنهجية والتأليف، وهو غير خاضع لانتقاء موضوع بمواصفات أكاديمية، غير أنه إذا انتهج نهجاً علمياً واستثمر، قدر الإمكان، الأساليب والوسائل العلمية، وتحرى الدقة، كان أقرب إلى التأثير في المتلقين والاستحواذ على إعجابهم.

تراثنا العلمي خطوات و خطوات تدل على أن أمتنا قطعت شوطاً مهماً في مضمار تأليف الكتب، فقد بيَّن الجاحظ دواعي التأليف، ومنها دواعي البحث فيقول: « إن لكل شيء من العلم، ونوع من الحكمة، وصنف من الأدب، سبباً يدعو إلى تأليف ما كان فيه مشتتاً ومعنى يحدو على جمع ما كان منه متفرقاً، ومتى أغفل حملة الأدب، وأهل المعرفة تمييز الأخبار، واستنباط الآثار، وضم كل جوهر نفيس على شكله… بطلت الحكمة، وضاع العلم، وأُميت الأدب»(2).

One Comment

Add a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *